كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَلَفِهَا وَعَلَيْهَا إنْ قَصَدَ بِهِ مَالِكَهَا؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ. اهـ.
وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَهُ وَإِنْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ بَاعَهَا وَأَنَّهُ بِمَوْتِهِ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي عَلَفِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَنُوزِعَا) الْأَوْلَى الْإِفْرَادُ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِيمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ النِّزَاعِ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) أَيْ عَنْ التَّأْيِيدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَاحَةُ) أَيْ الطُّيُورُ الْمُبَاحَةُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ) أَيْ فِي دَعْوَى الْجَزْمِ.
(وَيَصِحُّ) الْوَقْفُ وَلَوْ مِنْ مُسْلِمٍ (عَلَى ذِمِّيٍّ) مُعَيَّنٍ مُتَّحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ كَمَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ فِي تَعْيِينِهِ قَصْدُ مَعْصِيَةٍ كَالْوَقْفِ عَلَى خَادِمِ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ لَغَا كَالْوَقْفِ عَلَى نَحْوِ حُصُرِهَا وَكَذَا إنْ وَقَفَ عَلَيْهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَقِنِّ مُسْلِمٍ وَنَحْوِ مُصْحَفٍ، وَلَوْ حَارَبَ ذِمِّيٌّ صَارَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ كَمَا بَحَثَهُ شَارِحٌ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ إذَا رَقَّ وَاضِحٌ (لَا مُرْتَدٌّ وَحَرْبِيٌّ)؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَلَا بَقَاءَ لَهُمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَإِنْ كَانَا دُونَهُ فِي الْإِهْدَارِ إذْ لَا تُمْكِنُ عِصْمَتُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِهِمَا بِأَنَّ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا مُنَابَذَةً لِعِزِّ الْإِسْلَامِ لِتَمَامِ مُعَانَدَتِهِمَا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِهِ وَمِنْ ثَمَّ تَرَدَّدُوا فِي مُعَاهِدٍ وَمُسْتَأْمَنٍ هَلْ يَلْحَقَانِ بِالذِّمِّيِّ كَمَا رَجَّحَهُ الْغَزِّيِّ أَوْ بِالْحَرْبِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ: وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِالْمُحَارَبَةِ وَرَجَّحَ أَنَّهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَقَفَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الذِّمِّيِّ ش.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ شَارِحٌ) وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ إذَا رُقَّ) أَيْ حَيْثُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا تُمْكِنْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِمَا دُونَهُ فِي الْإِهْدَارِ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ فِي الْوَقْفِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِيُفَرَّقُ ش.
(قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ الْغَزِّيِّ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ إنْ حَلَّ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا فَإِذَا رَجَعَ صُرِفَ لِمَنْ بَعْدَهُ شَرْحُ م ر أَقُولُ فَلَوْ رَجَعَ إلَيْهَا أَيْ فَمَا حُكْمُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ مُسْلِمٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا بَحَثَهُ شَارِحٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُعَيَّنٍ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ الْيَهُودِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي وع ش.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَقَفَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الذِّمِّيِّ ش. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: صَارَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ) أَيْ إنْ ذَكَرَ بَعْدَ الذِّمِّيِّ مَصْرِفًا أَيْ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الذِّمِّيِّ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَهُ و(قَوْلُهُ: أَوْ الْآخِرِ) أَيْ فَيُصْرَفُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْآنِ إنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ جِهَةً وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِ رَحِمِهِ. اهـ. ع ش.
وَقَوْلُهُ: يُصْرَفُ لِمَنْ بَعْدَهُ إلَخْ لَا يَتَرَتَّبُ هَذَا عَلَى كَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَكَانَ الْمُنَاسِبُ حَذْفَهُ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ شَارِحٌ) وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ مَا بَحَثَهُ مِنْ أَنَّهُ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ ثُمَّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ تَرَكَ الْمُحَارَبَةَ وَالْتَزَمَ الْجِزْيَةَ هَلْ يَعُودُ اسْتِحْقَاقُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ فَفَسَقَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ عَادَ عَدْلًا مِنْ الِاسْتِحْقَاق هُنَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ أَنَّهُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْكِتَابَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ حَتَّى أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَحِقُّ مَا كَسَبَهُ فِي مُدَّةِ كِتَابَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ لِذِمِّيٍّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِحِرَابَتِهِ الْآنَ بَقَاءَ حِرَابَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ ع ش وَسَيِّدُ عُمَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (لَا مُرْتَدٍّ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنْهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ صِحَّتَهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُهُ كَالْبَيْعِ وَالْوَقْفِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الزَّانِي الْمُحْصَنِ) أَيْ حَيْثُ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ دُونَهُمَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِمَا دُونَهُ فِي الْإِهْدَارِ و(قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِي الْوَقْفِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُفَرِّقْ ش. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ الْغَزِّيِّ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ إنْ حَلَّ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا فَإِذَا رَجَعَ صُرِفَ لِمَنْ بَعْدَهُ شَرْحُ م ر أَيْ وَالْخَطِيبُ أَقُولُ فَلَوْ رَجَعَ إلَيْهَا فَمَا حُكْمُهُ. اهـ. سم قَالَ ع ش: بَعْدَ فَرْقِهِ بَيْنَ رُجُوعِهِمَا إلَى دَارِنَا وَبَيْنَ حِرَابَةٌ الذِّمِّيِّ ثُمَّ رُجُوعِهِ مَا نَصُّهُ وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَيْ كُلًّا مِنْ الْمُعَاهِدِ وَالْمُسْتَأْمِنِ إذَا عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُدَّةَ الْأُولَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْمُحَارَبَةِ) أَيْ قَطْعِ الطَّرِيقِ و(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ) أَيْ السُّبْكِيُّ (أَنَّهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش.
(وَنَفْسُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِ الْإِنْسَانِ مِلْكَهُ أَوْ مَنَافِعَ مِلْكِهِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ وَيَمْتَنِعُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَاخْتِلَافُ الْجِهَةِ إذْ اسْتِحْقَاقُهُ وَنَفَا غَيْرُهُ مِلْكًا الَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ الْمُقَابِلُ الَّذِي اخْتَارَهُ جَمِيعٌ لَا يَقْوَى عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ التَّعَذُّرِ وَمِنْهُ أَنْ يَشْرُطَ نَحْوَ قَضَاءِ دَيْنِهِ مِمَّا وَقَفَهُ أَوْ انْتِفَاعِهِ بِهِ لَا شَرْطِ نَحْوِ شُرْبِهِ أَوْ مُطَالَعَتِهِ أَوْ طَبْخِهِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ كُوزٍ، وَفِي كِتَابٍ أَوْ قَدْرِ وَقْفِهَا عَلَى نَحْوِ الْفُقَرَاءِ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَهُ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَقْفِهِ لِبِئْرِ رُومَةَ بِالْمَدِينَةِ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَالصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ وَقَفَهُ وَالشُّرْبِ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا.
ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِأَنَّ شَرْطَ نَحْوِ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْوَقْفَ نَعَمْ شَرْطُهُ أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ مِنْهُ صَحِيحٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ بِصِحَّةِ شَرْطِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الثَّوَابُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ بَلْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِهِ الصَّلَاةَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا انْتِفَاعٌ ظَاهِرٌ بِالْبَدَنِ فَعَادَ عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ وَفْقٌ دُنْيَوِيٍّ وَلَا كَذَلِكَ فِي نَحْوِ الْحَجِّ وَالْأُضْحِيَّةِ وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ بُسْتَانًا وَشَرَطَ أَنْ يُبْدَأَ مِنْ رِيعِهِ بِعِمَارَتِهِ وَمَا فُضُلَ لَهُ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَمَا فُضُلَ عَنْ الْعِمَارَةِ يُحْفَظُ مَا دَامَ حَيًّا لِجَوَازِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فِيهَا ثُمَّ مَا فُضُلَ حَالَ مَوْتِهِ يُصْرَفُ لِأَوْلَادِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ فِيمَا جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ كَالْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ وَنَفْسِهِ حَتَّى يَصِحَّ فِي نِصْفِهِ وَيَبْطُلَ فِي نِصْفِهِ وَلَا كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ حَتَّى يُصْرَفَ الْفَاضِلُ فِي حَيَاتِهِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَيْسَ طَبَقَةً ثَانِيَةً بَلْ مِنْ جُمْلَةِ الْأُولَى وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ ضَمُّ الْمَجْهُولِ وَهُوَ مَا لَهُ إلَى الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ بَيْنَهُمَا بَلْ قَدَّمَ الْمَعْلُومَ وَهُوَ نَحْوُ الْعِمَارَةِ فَصَحَّ فِيهِ وَأَخَّرَ الْمَجْهُولَ الْمُتَعَذِّرَ الصَّرْفِ إلَيْهِ فَحَفِظْنَا الْفَاضِلَ لِمَوْتِهِ لِمَا مَرَّ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ الْمَبْسُوطِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ لِلْمُتَأَمِّلِ.
وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فَقِيرًا حَالَ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْكَافِي وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِمُقَابِلٍ إنْ كَانَ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ وَمِنْ حِيَلِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِ أَبِيهِ وَيَذْكُرَ صِفَاتِ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَمِلَ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَوَقَفَ عَلَى الْأَفْقَهِ مِنْ بَنِي الرِّفْعَةِ وَكَانَ يَتَنَاوَلُهُ وَخَالَفَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَالْخَوَارِزْمِيِّ فَأَبْطَلُوهُ إنْ انْحَصَرَتْ الصِّفَةُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ لِغَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَقْرَبُ لِبُعْدِهِ عَنْ قَصْدِ الْجِهَةِ وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ يَقِفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَصَرَّفُ فِي الْأُجْرَةِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ لِيَنْفَرِدَ بِالْيَدِ وَيَأْمَنَ خَطَرَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَهَاتَانِ حِيلَتَانِ لِانْتِفَاعِهِ بِمَا وَقَفَهُ لَا لِوَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَأَنْ يَسْتَحْكِمَ فِيهِ مَنْ يَرَاهُ وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَاتِ مُفَصَّلَةٍ بِأَنْ جَاءَ كَمَا يَرَاهُ حُكِمَ بِهِ وَبِلُزُومِهِ وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَيَجُوزُ نَقْضُ الْوَقْفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيَّ وَخَالَفَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ فَقَالَ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَتَلَقَّى مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَيَّ وَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ لَا يَمْنَعُ الشَّافِعِيَّ بَاطِنًا مِنْ بَيْعِهِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ قَالَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَمْنَعُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ سِيَاسَةً شَرْعِيَّةً وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ انْتَهَى، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعٌ وَرَدَّهُ آخَرُونَ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَعْلِيلِهِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعِ نُفُوذِهِ بَاطِنًا وَلَا مَعْنًى لَهُ إلَّا تَرَتُّبِ الْآثَارِ عَلَيْهِ مِنْ حِلٍّ وَحُرْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيُصَيِّرُ الْأَمْرَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: نَعَمْ شَرْطُهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِ الصَّلَاةِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ أَخْذًا مِمَّا نَقَلْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا سَنَةً فَبَاطِلٌ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ كَقَوْلِهِ جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا سَنَةً يَصِحُّ مُؤَبَّدًا كَمَا لَوْ ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا. اهـ.
إلَّا أَنْ يَخُصَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ.
ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَقْتَضِي هَذَا.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرْطِهِ الصَّلَاةَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا) ظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا نَصُّهُ أَيْ كَمَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ إذَا شَرَطَ أَنْ يَقْضِيَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَنَمَائِهِ دُيُونَهُ أَوْ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَطْلُعُ مِنْ ثِمَارٍ أَوْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْوَقْفِ كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يُقْبَرَ فِيمَا وَقَفَهُ مَقْبَرًا أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيمَا وَقَفَهُ مَسْجِدًا أَوْ أَنْ يَسْتَسْقِيَ مِنْ بِئْرٍ وَقَفَهَا وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ إلَخْ وَهَذَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ لَكِنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَمَقْبَرَةٍ وَمَسْجِدٍ وَبِئْرٍ وَكِتَابٍ شَرَطَهُ أَمْ لَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) فِي الْعُبَابِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَرَثَتِهِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَهُوَ مِنْ وَرَثَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. اهـ.
وَعِبَارَةُ تَجْرِيدِهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَرَثَتِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَلَدُهُ وَهُوَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَمْ يُصْرَفْ إلَيْهِ وَتَكُونُ حِصَّتُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَيُصْرَفُ الْبَاقِي لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَبِهِ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ إنَّ فِي صَرْفِ حِصَّتِهِ لِلْفُقَرَاءِ نَظَرًا.
وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى هَذَيْنِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَفِيهِ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ. اهـ. وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ وَعَلَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَفْقَهِ أَوْلَادِ فُلَانٍ وَهُوَ أَفْقَهُهُمْ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.